أيها الأخيار- قلم: مالك عدنان
أيها الأخيار .. ما سأسرده لكم يشبه الحقيقة . لقد كذبت . أحببت وخنت . عبرت البلاد والقرون ، وغالبا ما نفيت نفسي . أدركت الشيخوخة ، غّب نهار خريفي ، واذا ارتد الوجه الي الطفولة أود قول هذه البراءة التي حرمت منها . تذكروا ! كنت طفلة مضطربة الهوية ومترنحة . بنتا كنت مقنعّة بمشيئة أب أحس بنفسه ناقص الرجولة ومهانا لأنه لم يرزق الولد ، وكما تعلمون كنت أنا هذا الابن الذي كان به يحلم ، والبقية يعرفها بعضكم ، لقد قصت عليكم بعض القصص وماهي حقا بقصص . فحتي عندما كنت مختبئة ومنزوية كانت الانباء تنتهي اليّ ولم أكن مندهشة ولامنزعجة ، كنت اعلم انني باختفائي أترك ورائي مايغذي أغرب الحكايات ، لكن بما أن حياتي ليست حكاية ، حرصت أن اصحح الوقائع وأفشي لكم السر المصون تحت حجر أسود في دار عالية الجدران داخل درب مغلق بسبعة أبواب .
هذه أنا من الجنوب قادمة ، من الغسق قادمة ، من الجبل انحدرت ، مشيت راجلة ، نمت في الآبار ، عبرت الليالي والرمال ، قادمة من موسم خارج الزمن ، مدونة في كتاب ، كنت هذا الكتاب الذي لم يفتح أبدا ، ولم يقرأ ابدا ، كتبه الأجداد ، فالحمد لهم ، هم الأجداد الذين أرسلوني لأقول لكم وأعيد .. لاتقتربوا مني أكثر مماينبغي ، دعوا النسيم يقرأ الاحرف الاولي للكتاب ، اصمتوا واصغوا اليّ : كان فيما مضي شعب من البدو ، له القوافل والشعراء ، تغذي علي لبن الناقة والتمر ، يقوده الضلال ويبتكر آلهته .. وخوفا من الفضيحة والعار كان بعض افراده يتخلصون من بناتهم فكانوا يزوجونهن في الطفولة أو يئدونهن . لقد أعد لهؤلاء جحيم أبدي وبهم شهّر الاسلام في قوله تعالي : " وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا علي النفاق لاتعلمهم نحن نعلمهم سنعذبهم مرتين ثم يردون الي عذاب عظيم "ليلة القدر " الطاهر بن جلون "
تعليقات
إرسال تعليق