(رسومُ الديار) مدحت عبدالعليم بوقمح الجابوصي


(رسومُ الديار)
رسومُ أحبَّةٍ قد بانوا عنَّا....أُسائلُها فلم تفصحْ بحالِ 
وكانوا كالبدورِ بذي المنازل.....وما خطرَ الرحيلُ لنا ببالِ 
لبستُ ظلامَ ليلٍ قد تغشَّى....وصرتُ لآلِ ميٍّ في احتيالِ 
وكانتْ فرحتي لمَّا التقينا....على قدرٍ كأمثالِ الجبالِ 
تحدثنا حديثَ الشوقِ عفْواً......ولم نعبأْ بعمٍّ أو بخالِ
تقاطرَ لؤلؤاً فوها وشهداً.....ومُدَّ بقيلِها حبلُ اتصالِ 
ودهري حكمهُ ما رُدَّ يوماً......وقد حكمَ القضا بالانفصالِ 
وشاءَ اللهُ أنْ أبقى بقومٍ......أُفيدُهُمُ العلومَ وكلَّ عالي 
وأُرشدُهم إلى الحسنى وأحنو.....وأبني فيهمُ صرحَ المعالي 
وكم هدموا لما أعليتُ فيهم......بجهلٍ ثُمَّ أحلُمُ في كمالِ 
وأُغمضُ طرفَ عيني عن عيوبٍ.....كأني ما رأيتُ ولم أُبالِ 
صنائعُ فيهمُ جلَّتْ ولكنْ.....أُقابَلُ بالإساءةِ والتعالي 
وأنصُرُ رأيهُم في كلِّ وادٍ......يُكلِّفُني انتصاري كلَّ غالِ 
تذوبُ حشاشتي حزناً عليهم.....ولا أرضى لهم سوءَ الفعالِ 
وأفرحُ إنْ أصابوا الخيرَ دوماً.....وأحزنُ أنْ يُساءوا في عقالِ 
وإنْ سمعوا بصوتِ النعْيِ يوماً....تمنَّوا أنْ أكونَ أنا ومالي 
وما حالي وحالُ القومِ إلا.......كصاحبِ يمنةٍ وأخا شمالِ 
أما واللهِ لو شئتُ جزيتُ.....بداهيةٍ تردُّ أخا الضلالِ 
ولكنِّي رعيتُ اللهَ فيهم......وأرجو منهُ غفْراً في المآلِ
وذا من فضلِ أبٍّ كم دعاني.... إلى الإحسانِ من دونِ ملالِ 
لهُ فضلٌ عليَّ فكم رأيتُ...... لهُ حُسنُ الثنا طولَ الخوالي 
كريمٌ ما دعا للسوءِ يوماً.......ولم ينزلْ إلى سَفَهِ الرجالِ 
فكم من مرَّةٍ قابلتُ فيها......قليلَ الخيرِ أولى بابتذالِ 
فلمَّا أنْ عرفتُ بهِ الدنايا.......هجرتُ النذلَ بُغضاً للخصالِ 
زعانفُ من بني الدُنيا أرادوا......بلوغَ المجدِ فيها بالضلالِ
يعدُّونَ الفخارَ بما أصابوا....... من النصبِ الكثيرِ والاحتيالِ 
أضاعوا المجدَ ما بلغوهُ يوماً......وما نالوا لهُ في أيِّ حالِ 
وكم من نعمةٍ للهِ عندي...... بلغتُ بها السماءَ وكلَّ تالِ 
وإنْ تُذكرْ قوافي الشعرِ كنتُ....أنا المعنيُّ في قيلٍ وقالِ 
فكم هزَّتْ لذي الدنيا قوافٍ...... تُزفُّ إليَّ حسناءَ المقالِ 
متى أطلقتُ في الآنامِ شعري......تغنَّى بحسنِهِ كلُّ الرجالِ
وإنْ أُلقِ بمؤتمرٍ قصيدي.......فما عن وقعِهِ شخصٌ بسالِ 
وربَّ قصيدةٍ هزَّتْ أُناساً.......فظلُّوا ذاكرينَ لذا الجمالِ 
لساني ناطقٌ بالحسنِ دوماً......وقلبي قد حوى دُررَ المقالِ 
ولا أرضى مقامَ الذمِّ يوماً........ وأرضى بالسناءِ وكلِّ عالي 
وأمشى في ربوعِ الأرض ليثاًِ........ وصقراً جارحاً عند النضالِ 
مدحت عبدالعليم بوقمح الجابوصي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سفرة (من الشِّعْرِ السّاخر)الشاعر: حمدان حمّودة الوصيّف

القرار قرارك ---بقلم........ عبدالمنعم عبدالحليم السقا

سيدنا محمّد ﷺ ا.د/ محمد موسى