إلى شهرِ الصيامِ -- الشاعر : صالح احمد القاسمي

إلى شهرِ الصيامِ

أتى شهرُ الصيامِ ولا صيامٌ

عن الإجرامِ أو سلمٌ يُقامُ

أتى شهرُ الصيامِ ولم يُغادرْ

لظى الأرزاءِ يمنعهُ الخِصامُ

أتى شهرُ الصيامِ ولا أمانٌ

ولا صامَ السلاحُ ولا سلامُ

أتى شهرُ الصيامِ ونحنُ عطشى

ويكويَنا بمخرزهِ الغُلامُ

ولا صامتْ عن الأوزارِ ناسٌ

إلى التأجيجِ يدفعُها الحرامُ

أوارُ الحِقدِ في وطني تمادى

وبعدَ الجدبِ تأكلُنا الحُطامُ

تضوّعَ شعبُنا مِن بؤسِ عيشٍ

يُجرّعُنا بهِ الموتُ الزؤامُ

وما جاءَ الخِتامُ لكُلِّ هزلٍ

وما لمعالمِ البؤسِ انعدامُ

* * *

فيا شهرُ الصيامِ إليكَ عُذراً

أتعذرُنا ؟ فإنّا لا نُلامُ

لأنّا صائمونَ مدى شهورٍ

وأعوامٍ تُمرّغُنا السِقامُ

أتتْ مِن غيهبِ التاريخِ بغياً

يُرافقُها الشقا والإنتقامُ

وأضحى الجوعُ في الأمعا مُقيماً

ولا تقوى تزايدَهُ العِظامُ

شربنا الصَبّرَ حتى ضاقَ مِنّا

ولا دنتِ النهايةُ والخِتامُ

وأذيالُ الهوانِ ترومُ سحقي

وعيشي في رخائي لا يُرامُ

سُقينا مِن كؤسِ الجهلِ بُغُضٌ

ومِن ظلمائِهِ جاءَ الظلامُ

صنعنا مِن رُعاعِ القومِ عِجلاً

لنعبدَهُ فأغوتْنا السوامُ

* * *

حُداةُ الركبِ أنهكتِ المطايا

أتانا مِن تغوّلِها الزكامُ

وجوهٌ لا ترومُ سوى المنايا

ويؤسفُها إذا ازدهرَ الوئامُ

شخوصٌ في محاسنِها ذنوبٌ

وفي تضميدِها جرحٌ مُدامُ

وفي خيراتِها قحطٌ وجدبٌ

وفي إرضاعِها كانَ الفطامُ

عن الترويعِ قطعاً لا يصوموا

وعن صومِ الصيامِ الفرضِ صاموا

فيا مَن تصنعون التيهَ جمراً

تبرّاءَ مِن صناعتهِ الجُذامُ

كفى حُمقٌ وتدليسٌ وسُخفٌ

أما يكفي صراعكمُ احتدامُ ؟

فأنتمُ في الدنوِّ كما وحولٍ

ويزجرُنا بغيّكمُ اللئامُ

فعذراً للمجازِ إذا دُعيتم

بِغالاً غابَ عن فمِها اللجامُ

صنعاء 8 ابريل 2018 م

الشاعر : صالح احمد القاسمي