سبحان الله مدبر الامور بقلم الأديب عبد الوهاب الجبوري
سبحان الله مدبر الامور
يقول الله سبحانه وتعالى: ( يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون) (السجدة : 5) .
كت افكر كثيرا في هذه الاية الكريمة واتساءل هل المقصود ان الله سبحانه وتعالى يدبر الامر ويرسله الى الارض بواسطة جبريل عليه السلام او الملائكة ثم ينتظر عودتهم لمعرفة رد فعل الامر ، وهو القادر جل وعلا على كل شئ ويعلم كل شئ وعنده الامر كن فيكون ؟
رجعت الى كتب التفسير واراء العلماء الافاضل فتوضحت لي الصورة وازددت ايمانا على ايمان بان الله قادر على كل شئ وهو مدبر امر الخلائق ، لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات والارض ولا يشغله شان عن شان ، ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير ،في الجبال والبحار والعمران والقفار ، وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين ، وما تسقط من ورقة الا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين ، سبحان الله مدبر الامور والاحوال.
يقول الشيخ السعدي رحمه الله عن هذه الاية :
( ان الامر يتنزل من عنده سبحانه وتعالى ويعرج اليه " في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون " وهو يعرج اليه ويصله في لحظة ) انتهى تفسير السعدي. فعلى ذلك يكون تدبير الله جل جلاله لامره ، من السماء الى الارض ، ثم عروج الملائكة اليه بذلك ، كله في يوم واحد : ومقدار هذا اليوم في حساب الناس الف سنة مما عندهم من الايام ، وانما يكون عروج الملائكة بذلك الى ربها في وقت قصير : لحظة ، او طرفة عين او نحو ذلك . هذا كله من امر الغيب الذي لا يعلمه الا الله . والله عز وجل علام الغيوب ويعلم ما الخلق عاملوه قبل ان يخلقهم وقبل ان يعملوه ، ويعلمه بعدما خلقهم ، وقبل ان يعملوه ايضا ، ثم يعلمه اثناء عملهم .
وقد روى مسلم عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( كتب الله مقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات والارض بخمسين الف سنة ) ، واما نزول الملائكة وعروجها فهذا من تمام كماله وسلطانه ، وعظمته وجلاله ، وتدبيره لامر كونه جل شانه ، وانما تكتب الملائكة اعمال العباد وتحصيها عليهم في صحائفهم : اقامة لحجة الله عليهم ماعملوه وليس لان علم الله جل جلاله يحتاج الى شئ من ذلك .
فالله جل جلاله لا يحتاج الى من يعلمه ما لا يعلم ولا يذكره بامر ينساه ، فهو منزه عن ذلك كله سبحانه وتعالى ، اذا اراد امرا فانما يقول له كن فيكون . سبحان الله مدبر الامور والحال والاحوال ، سبحانه وتعالى ؛ (يدبر الامر من السماء الى الارض ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون)( السجدة : 5).
مراجع
الشيخ محمد صالح المنجد ، موقع الاسلام سؤال وجواب .
القران الكريم ، تفسير الطبري ، ( السجدة : 5)
تعليقات
إرسال تعليق