- مذكرات ثائرة - - 5 -بقلم الشاعر والكاتب وليد.ع.العايش


- مذكرات ثائرة - 
- 5 - 
في الهواء الطلق كان المطر حاذقا بحضوره المفاجئ ، وكيف لا يأتي وهو الذي يسمع ما تتمتم به القلوب ، دق الجرس إيذانا بانتهاء الدرس ، لم يكن يعلم بأن قلبي دق قبله بكثير ، خرج المعلم وقد نسي عصاه على الطاولةالخشبية البكماء . 
حملت كتابي ثم خرجت كما فعل الآخرون ، لم أكن أريد أن يراني أحد حينها ، كانت عيناي معلقة بها ، إلى أين يمكن أن تذهب ، الوقت قصير ، ربما لا يسعفني للبحث بين جمهرة التلاميذ ، لكنها كانت هناك في زاوية لا يزورها التلامذة إلا نادرا ، وحيدة كانت ، وأنا كذلك ، صرخ قلبي على ألحان المطر المتساقط بلطف وأناة ، تضاربت القرارات في رأسي ، صعد الخجل إلى قمة الجبل ... وأخيرا توجهت بخطاي المتعثرة صوب تلك الزاوية . 
وقفت كما جندي بين يدي سيده ، هل فقدت القدرة على الكلام !!! نظرت إلى قدمي الباردتين ، ترددت في إفراغ شحنة تعتري جسدي النحيل ، مسحت شعري من حبات المطر . 
- ما بك ياعامر ... لماذا لا تتكلم ... 
جاءتني كلماتها كما رصاصة الرحمة ، فقدت تركيزي للحظات وكأنها دهرا ، عدت إلى نفسي فلا وقت كي أفقده الآن . 
- لا شيء يا زميلتي ... فقط أردت أن أعتذر منك ... 
- عما تعتذر ... من هذه !!! 
ولوحت لي بالورقة ، وكأنها تريد أن تخبرني بأني لم اخطئ كي أعتذر . 
- نعم ... أقسم لك بأني لم أكتبها من تلقاء نفسي ... هو أحمد من راودني وجعلني أكتب مافيها . 
ابتسمت ابتسامة لا تشبه إلا ياسمينة خجلى ، أشاحت عني . 
- هل عنيت ماكتبت !!! ... ما الذي أعجبك بي ... 
يا إلهي ماذا أسمع ، هل أنا في حلم ، أم أنها حقيقة كحبات المطر . 
- لا أدري ... لا أدري ... إذا لم تعجبك كلماتي فمزقي الورقة وانسي ماكتب فيها . 
- لا لن أنسى ... هل تريد أنت أن تنسى ... 
- أنا ... أبدا ... أبدا ... لكني لا أحب أن ازعجك . 
- لعلك تهوى الشعر ... أليس كذلك ؟ ... 
- نعم نعم أهوى الشعر وأحب أن أكتبه . 
- إذن ستكتب قصيدة لي ... هذا طلب مني . 
- لا يمكن لقصيدة أن تصفك ... 
- لكني سأقبل بما ستكتب . 
قالت تلك الكلمات ثم مضت إلى مكان الاصطفاف ، فقد دق الجرس مرة أخرى ... 
- لعنك الله أيها الجرس اللئيم ... 
لملمت سعادتي من ذاك المكان ثم انطلقت خلفها إلى الباحة الكبرى ... أتذكرين ... 
-------------
وليد.ع.العايش 
٢٦/١/٢٠١٨

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

سفرة (من الشِّعْرِ السّاخر)الشاعر: حمدان حمّودة الوصيّف

القرار قرارك ---بقلم........ عبدالمنعم عبدالحليم السقا

سيدنا محمّد ﷺ ا.د/ محمد موسى